| الورد العاطر في نزهة الخاطر | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
wael
عدد الرسائل : 10 العمر : 46 تاريخ التسجيل : 07/07/2008
| موضوع: الورد العاطر في نزهة الخاطر الثلاثاء يوليو 15, 2008 10:53 am | |
| | |
|
| |
lighter ماسورة 1/2 "
عدد الرسائل : 40 تاريخ التسجيل : 02/07/2008
| موضوع: رد: الورد العاطر في نزهة الخاطر الثلاثاء يوليو 15, 2008 3:31 pm | |
| | |
|
| |
lighter ماسورة 1/2 "
عدد الرسائل : 40 تاريخ التسجيل : 02/07/2008
| موضوع: رد: الورد العاطر في نزهة الخاطر الثلاثاء يوليو 15, 2008 3:34 pm | |
| ارجو من الاخوه الاعضاء عدم الرفع في 4 share لانه مغلق من الهيئه القوميه للاتصالات | |
|
| |
roro Admin
عدد الرسائل : 143 العمر : 41 تاريخ التسجيل : 07/06/2008
| موضوع: رد: الورد العاطر في نزهة الخاطر الثلاثاء يوليو 15, 2008 7:50 pm | |
| | |
|
| |
roro Admin
عدد الرسائل : 143 العمر : 41 تاريخ التسجيل : 07/06/2008
| موضوع: رد: الورد العاطر في نزهة الخاطر الثلاثاء يوليو 15, 2008 7:54 pm | |
| | |
|
| |
roro Admin
عدد الرسائل : 143 العمر : 41 تاريخ التسجيل : 07/06/2008
| موضوع: رد: الورد العاطر في نزهة الخاطر الثلاثاء يوليو 15, 2008 8:06 pm | |
| كتاب الورد العطر فى نزهة الخاطر
مضى الآن أكثر من عشرين عاما على آخر زيارة لي لهذا الشارع . أنا الآن في الأربعين . رجل محترم . رجل محترم جدا . ولست أدري أي شيطان ركب رأسي وقادني إلى سوق زرقون * . الكتب مازالت كعهدي بها مكدسة على قارعة الطريق .كتب باللغة العربية : الشيخ العارف أبي عبدالله محمد بن أبي بكر علي النفزاوي يعرض كتاب الروض العطر في نزهة الخاطر ، ويحكي علنا بصوته الطنان عن المحمود من النساء والمكروه من الرجال . عن كيفية الجماع وعن مضراته . عن مكائد النساء ، وعن الأدوية التي تسقط النطفة من الرحم . عن أسباب شهوة الجماع وعما يقوي عليه . وابن شداد يصيح : حصاني كان دلال المنايا ... و رأس الغول مقسوم إلى شطرين . وسيف علي بن أبي طالب ما زال يقطر من دمه . وكتاب دلائل الخيرات . والمنفرجة : اشتدي أزمة تنفرجي * قد آذن ليلك بالبلج ومسجلات تصرخ بمدائح عن مولد الرسول : عطر اللهم قبره الكريم * بعرف شذي من صلاة وتسليم * اللهم صلي وسلم وبارك عليه . وديوان المتنبي مخطوطا بالحرف المغربي الأنيق ، وبماء الذهب : وما المجد إلا السيف والفتكة البكر * وتضريب أعناق الملوك * وأن ترى لك الهبوات البيض * والعسكر المجر * وتركك في الدنيا دويا ... وبين القصرين والسكرية وقصر الشوق . مبروك يا نجيب محفوظ .ولن أقول مع القائلين بأن ملك السويد توجك بتاج نوبل لأنك باركت كامب ديفد ، وصفقت للسلام مع إسرائيل . وكتب مبلولة بماء المطر . وكتب صفراء تفوح منها رائحة الجراد الميت . وكتب حمراء تحمل صور لينين حزينا مهموما . وكتب باللغة العبرية من بقايا يهود تونس ، سافر أصحابها ونسوها هنا . ربما للذكرى . وكتب إيطالية ومالطية . | |
|
| |
roro Admin
عدد الرسائل : 143 العمر : 41 تاريخ التسجيل : 07/06/2008
| موضوع: رد: الورد العاطر في نزهة الخاطر الثلاثاء يوليو 15, 2008 8:07 pm | |
| وكتب فرنسية : روايات وأشعارا . وكتب تاريخ : نابليون بونابارت أمام اهرامات الجيزة . ولويس الرابع عشر يجادل وزراءه .وثوارال89. والملكة الرقيقة تقذف الرعاع بالبسكويت من فوق شرفات القصر . وديدرو ومنتسكيو وفولتير . وأبحلق بعيون كثيرة في المقصلة التي ذبحت الملك . وأقوم أساوم البائع . أدفع له الدراهم وأتأبط رزمة الكتب . ولعن الله هذه المسجلات وأغانيها الهابطة التي حرمتني من الاستماع إلى تحية أصدقائي تأتي خافتة من تحت إبطي . من وسط رزمة الكتب : شكرا يا رجل لقد تناسانا الخلق هنا . كنا نموت مرتين في العام ، بردا في الشتاء وحرا في الصيف ولكن ها نحن كما ترى في صحة جيدة . قال لينين : لقد داس على عنقي رجل ملتح وسبني . وقال لأصحابه دوسوا على هذه الجيفة . لقد شفي غليلي عندما رأيت كتبه في الزبالة في سان بطرس بورغ وصوفيا وتيرانا . سأعود غدا لأشتريه وأحرق جثته أمام المسجد . شيء واحد لم يتغير في هذه الأسواق : إلحاح الباعة المتجولين : -خذ هذا السروال بعشرة دنانير يا سيدي . - لا أريده . - خذه بخمسة فقط . - لا . - خذه ببلاش يا.. - قلت لك لا . - يلعن أبو والديك . يقولها ويتركني ليصطاد زبونا آخر . وأواصل السير داخل دهاليز السوق . ويصدمني بائع آخر يعرض أمامي سلعا مهربة : ساعات من ايطاليا وشفرات حلاقة مدموغة ب صنع في إسرائيل وراديوهات وأشرطة كاسات للفيديو وسراويل دجين .... وأهرب من وجهه فيلح . وأقول إنني لا أملك نقودا ، فيكاد يفتش داخل جيوبي . وأحمد الرب لأنه قبض على زبون آخر . وأهرب فتصدمني روائح البخور والند والحنة وعود القماري القادمة من هناك ، من شارع سيدي عبد الله قش *. عشرون سنة مرت على آخر زيارة لي لهذا الشارع . وأنا الآن رجل محترم . رجل محترم جدا .النساء طوع بناني . بنات الأوتيلات الفاخرة ، والملاهي . أشير بإصبعي فتأتي بلقيس إلى طاولتي . فماذا جاء بي إلى هنا ؟ وتزمجر أشرطة الكاسات : - حبيبي يا صحابي جاني * من بعد الفراق هناني ** - فأتذكر : قالوا زيني عامل حالة * ما لا لا بهذلت قلوب الرجالة * ما لا لا . وأرى الصالحة أمام باب الماخور ، تهز ردفيها وتحرك نهديها بطريقة تغري ملائكة الرحمان : - بهذلت قلوب الرجالة * ما لا لا . وأصعد وراءها درجات السلم واحدة واحدة . وعيناي تنبحان ككلب شرس . وصاحبتي تهرب من العيون الكاسرة . وتضرب الباب برجليها بعدما ألج الغرفة : بهذلت قلوب الرجالة * ما لا لا . ماذا جاء بي إلى هنا ، وأنا الآن رجل محترم جدا ؟
***** روح يا ولد القحبة . وتلوح في وجه الطفل بعصاها . طفل . وعصاها . وولد القحبة . وقهرمانة واقفة بالباب . روح يا فاسد الله يلعن والديك . أولاد آخر زمن . على عهدنا كان الرجال يهابون سطوة هذا الشارع . هذا بابها . ها هنا كنا نرقص . وتغمز بعينيها وتبيع لمن يشتري . وكنت دائما أشتري . في الربح وفي الخسارة . ولا أتذمر . أطلب منها أن تغني ، فتغنيني : أم القد طويل * آ صالحة * أم القد طويل * أم القد طويل * وزينك ما ريتو في جيل * آ صالحة . فأدفع الثمن وأهرب . وتناديني ، وأهرب . | |
|
| |
roro Admin
عدد الرسائل : 143 العمر : 41 تاريخ التسجيل : 07/06/2008
| موضوع: رد: الورد العاطر في نزهة الخاطر الثلاثاء يوليو 15, 2008 8:08 pm | |
| وتتعرى من ورق التوت ، وأهرب . وأقول لها : لن أعود أليك مرة أخرى ، وأعود وأضرب الدف ، فترقص ، وتغني : قدك بابور * صالحة عوام بحور * صالحة عوام بحور * ورسى على تونس بالليل * آ صالحة وأضرب الدف . وأقول : بكم أشتريك يا صالحة ؟ فترد : بدينار واحد يا صاحبي . وأضع الدف فوق السرير . وأهبط درجات السلم واحدة واحدة . وأضع يدي أمام فمي على هيئة بوق ، وأصيح : لن أعود إليك مرة أخرى يا صالحة . فترد ضاحكة : حاول ، وإذا نجحت شريت لك نزل أفريكا . ***** روح يا ولد القحبة ... وتنغرس في أذني هذه الكلمات كالمسامير. وترتبك خطواتي .ويحمر وجهي . ولا أدري ماذا أفعل . يا ولد القحبة ... ويقفز من أمامي طفل يحمل رزمة أغطية للرأس ، فولارات ، ذات ألوان زاهية . يصدمني في اندفاعه ، فأكاد أسقط على الأرض . يعتذر الطفل : هذه القهرمانة ترفض دفع ثمن مشترياتها . التفت حيث يشير الطفل ، فأراها . ويندفع الغناء في أذني رخيما كشدو البلابل : شارد بهواك * صالحة وانت مابطاك * صالحة نخطب باباك * ونعزمله في نصف الليل لكان اعطاك * انحطك في جيبي ليمين * آ صالحة . وأنظر إلى المرأة . القوادة الواقفة أمام باب البيت .فوق آخر درجة . كانت تحمل في يدها عصا من البلاستيك وتلوح بالعصا في كل الاتجاهات . رأيت نظارة طبية فوق أرنبة أنفها . فسويت ملابسي ، ومشيت . هذه العين السوداء التي تطل من وراء النظارة ، أعرفها . وأمشي ... هذه العين التي تذبح كالمدية ، أعرفها . وأمشي ... البيوت على جانبي الطريق مفتوحة الأبواب . واللحم معروض للفرجة . وأكداس من الرجال أمام الأبواب يتفرجون على امرأة تعرض نهديها . وأمشي ... صاحبتي كانت دائما ترسم خالا على خدها الأيمن ، فوق الشفة العليا . وتلك القوادة ، الواقفة بالباب ، هل كان لها خال ؟ وأمشي ... أنتبه إلى أرجل المارة حتى لا أدوسها . وأمشي ... ينقذف كهل داخل بيت تكدس أمامه الخلق ، ويئز الباب وراءه . وتصيح مطربة بأغنية ماجنة . وتنبح الكلاب بين أفخاذنا. وأمشي ... صاحبتي لم تكن تضع نظارة طبية فوق أنفها . ووسع ولد القحبة ... اترك الطريق للمارين ... يتفرق الشباب من أمام الأبواب . يتركون المكان والحسرة تأكل قلوبهم . ويتكدس مكانهم رجال آخرون . وأمشي ... ويمشي معي الطريق ... وأجدني من جديد أمام باب القهرمانة التي جرت وراء الطفل ، بائع أغطية الرأس . أرى الخال على صفحة الخد ، فيقرع قلبي طبول الفرح . وأتعرف على العينين اللتين تذبحان كالمدية . وأنا الآن رجل محترم . رجل محترم جدا . وهذا الخال عزيز على قلبي . وأمشي ... وينشي معي الطريق ... ما كنت وقتها أضع ربطة عنق . ما كنت ألبس البدلات الفاخرة . ما كنت مترهلا . وبطني ، ما كان بها هذا الكدس الكبير من اللحم والشحم . كنت أكره الرجال ذوي البطون السمينة . وأسبهم أمامها وأقول لها : سآتيك يوما بشواء من مؤخرة رجل سمين . فتضحك وتقول : سأطعمك من هذا اللحم مع كؤوس الجعة . فأعضها من عنقها الطويل . وأمص شفتيها . فتبكي وتقول : سآكل معك من لحوم الرجال السمان . وأعود مرة أخرى أتثبت في العينين اللتين تذبحان كالمدية . هي الآن تحكي مع بنت . حلوة كالشهد هذه البنت التي تحكي معها . اقترب منهما . تنظران نحوي . ليس من عادة الرجال المحترمين جدا الذهاب إلى هذا الشارع مادامت السلعة معروضة في الأنزال الفاخرة . أسلم عليهما . تردان السلام . أدخل . تدخل البنت ورائي . تتعرى البنت .وأجلس على حافة السرير . ما اسمك يا بنت ؟ - - ميمي يا سيدي . - ومن أسماك ميمي يا بنت ؟ - للا الصالحة يا سيدي . - من ؟ - للا الصالحة يا سيدي . وتدق أجراس كل كنائس العالم في رأسي ، فأموت جالسا على حافة السرير . وتهدهدني البنت ، فأبعث من جديد شابا في العشرين من عمري .أمرغ وجهي في وجه صالحة ، فتمسح دم الجرح النازف فوق الحاجب الأيمن، ومن الفكين ،وداخل شعر الرأس . تقول : ستهلك نفسك يا صاحبي . أنا لا أفهم في السياسة ولكنني متأكدة من أنها ستقتلك . وترشني بماء الكونوليا . وتقبلني . فأموت بين يديها . وتحييني من جديد هزات السرير . ***** تعرفت عليها عندما فرق البوليس مظاهرة كنت مشاركا فيها . انطلقنا من ساحة الباساج نلوح بالأيدي وبالأعلام الحمراء . ونهتف بسقوط أمريكا ، والأمبريالية العالمية ، وروجرس ، وفك الارتباط على قناة السويس . ونهتف بالنصر لثوار الفيت كونغ ، وهوشي منه ، وغيفارا ، وكاسترو . طفنا بشوارع باريس ، ومحمد الخامس ، والحرية ، والحبيب بورقيبة . وعندما وصلنا إلى شارع فرنسا فرقنا البوليس . وجرى وراءنا . فهربنا داخل شوارع المدينة العتيقة . جرينا وجرى البوليس وراءنا . وامتدت العصي الغليظة تضرب . والأيدي تضرب . ومؤخرات البنادق تضرب . وسال الدم . وطارت الخراطيش ا | |
|
| |
roro Admin
عدد الرسائل : 143 العمر : 41 تاريخ التسجيل : 07/06/2008
| موضوع: رد: الورد العاطر في نزهة الخاطر الثلاثاء يوليو 15, 2008 8:10 pm | |
| وطارت الخراطيش الفارغة في الهواء . وزدنا في سب جونسون ، فزادت شراسة البوليس . وامتلأ الجو برائحة القنابل المسيلة للدموع . وضاقت بنا السبل . وجدت نفسي محاصرا ، فاندفعت باتجاه نهج زرقون . جرت الكلاب ورائي ، فجريت أسرع منها . سمعت نباحها خلف ظهري . وتصورت أنيابها الحادة تنغرس في مؤخرتي . فجريت ... وجريت ... وجريت ، إلى أن رأيت العيون التي تذبح كالمدية . نادتني : تعال هنا أيها الهارب . لوحت بيدها ونادتني : تعال هنا أيها الهارب . ووصلت الكلاب فلم تجد سوى الأبواب الموصدة . نبحت الكلاب كثيرا ، وبالت على الحيطان ، وعادت أدراجها تلهث . عندما غاب نباح الكلاب ، خرجت من عند المرأة شكرتها كثيرا ، وبست يدها ، وغادرت المكان .وجدتني في شارع سيدي عبدالله قش . مادا سيقول عنك الرفاق يا رجل لو رأوك تخرج من عند هذه المرأة ؟ ماذا ستقول لهم وقد كنت قبل حين تهتف بسقوط أمريكا ؟ ماذا ؟ وماذا ؟ وماذا ؟ ماذا ستفعل ؟ وقررت الهرب . انسللت من شارع خلفي ، ولذت بالأنهج الضيقة إلى أن رأيت قرص الشمس يتدلى من سقف السماء . والمدينة مازالت تغلي ... والناس يهرولون ... وسيارات الشرطة ملأى بالشباب ...وكلاب البوليس تنبح وتتبول على أرجل المارة ، فاندسست بين العابرين ، وعدت إلى مبيت الجامعة . ***** - أين للا صالحة يا بنت ؟ - أمام الباب سيدي الكريم - البطرونة يا بنت ؟ - نعم سيدي هي بعينها . أهلكتني السياسة يا صالحة . أنا الآن رجل محترم . رجل محترم جدا . ألبس ربطات العنق الحريرية ، والبدلات الباريسية ، وأتعطر كالمومس ، وأجلس في الكرسي الأخير في السيارة المرسيدس .أجلس وراء السائق الذي ينزل دائما قبلي ليفتح لي الباب ويحمل عني الحقيبة . أمام الإدارة ، تستقبلني الابتسامات الكاذبة ، ويقف عند مروري العمال والموظفون . ويبوس رؤساء الأقسام أرجلي . ويمسي السعاة كالحجل أمامي وخلفي .يحملون لي القهوة والشاي . ويوشوشون في أذني كلاما كثيرا : سي علي يحكي عن الاضرابات . سي عمار يدين تدخل أمريكا في بنما . سي عبدالله هرب من الشغل قبل انتهاء الدوام . وفاطمة تغازل رئيس القسم الفلاني .وخديجة تقول إن ثمن كيلو اللحم ارتفع كثيرا . و... أهلكتني السياسة يا صالحة . طلبت من البنت أن تنادي للا صالحة . وضعت فوقها بعضا من الملابس وخرجت . بعد دقائق ، وصلت صالحة .طلبت منها أن تجلس . حركت النظارة وتفرست في وجهي هنيهة ، وجلست على الكرسي ، أمام السرير . قالت : طلبتني يا سيد ؟ وزغردت عصافير باب البحر في قلبي . هذا الصوت أعرفه . به بحة الآن . بحة الكبر وكثرة التدخين . والخال مازال في مكانه . هناك . فوق الشفة . تفرست في عنقها الطويل . به الآن بعض التجاعيد ، ولكنها لا تعيبه . أعطيت للبنت عشرين دينارا وطلبت منها أن تتركنا وحدنا . رقصت الفرحة في عيني الطفلة ، وخرجت ، فعدت إلى للا الصالحة . مازال بعض من فصل الربيع على وجهها . والدف مازال في مكانه ، فوق السرير ، على يمين الباب . مددت يدي . مسحت التراب من على جلده . ونقرت بإصبعي بعض النقرات الخفيفة . نطت الفرحة من عينيها ، فغنيت بصوت خافت : أم القد طويل * آ صالحة * أم القد طويل أم القد طويل * وزينك ما ريتهو في جيل * آ صالحة وقفت . نزعت النظارة وارتمت في حضني . هو أنت إذن يا ابن القحبة . قلبي قال : انك أنت وعقلي قال: لا . فأنت تكره البطون السمينة . قل ، هل هذا اللحم والشحم لك وحدك ؟ وراحت تدغدغني في بطني السمينة ، وتخنقني بربطة العنق وهي تردد : وتضع ربطة عنق حريرية يا خنزير . ترقب قليلا حتى آتي بالسكين من المطبخ . سأقطع بعضا من لحم مؤخرتك لأشويه ولتأكله مع الجعة . وتضحك . وأضحك . وأضعها في حضني ، فتفتح لي قلبها وتدسني فيه . ***** كانت قد مرت بضعة أيام عن المظاهرة . وكانت جراح وجهي قد تماثلت للشفاء ، حين تذكرت المرأة التي أجارتني في شارع سيدي عبد الله قش . مرت صورتها في خاطري كالحلم الجميل .قلت ،: لماذا لا أذهب أليها وأشكرها ؟ خاصة وان كثيرا من رفاقي الدين اصطادتهم كلاب البوليس ما عادوا إلى الجامعة . اشتريت لها هدية صغيرة ، وذهبت . كان بابها موصدا . ترقبت حتى خرج زبون من زبائنها . سلمت عليها ، ففتحت لي الباب واسعا ، ونظرت في جرحي ، وقالت : الحمد لله . أعطيتها باقة الورد فباستني ، وبدأت تتعرى . قلت : لا تنزعي ثيابك . لم أجئ لهذا . ولماذا جئت إذن أيها الملاك الطاهر ؟ جئت لأسلم عليك . أهلا وسهلا وألف ألف مرحبا . وأهديك هذه الورود . مرحبا بالوردود وبروح الورود . وتعرت كحواء يوم أكلت من تفاح الجنة . وتمددت على السرير .و قالت : تعال إلى هنا ، ولا تدفع ، فأنا أعرف أنك مفلس . سال العرق على جبيني . عرق بارد . ودق قلبي كطبل يوم العيد . وهربت من الدار .سرت في أزقة المدينة العتيقة إلى أن تعبت ... لماذا ذهبت إليها أيها الوغد ؟ هي قحبة وقد أغراها شبابك مادام جيبك فارغ . ألم تشكرها يوم المظاهرة فلماذا عدت إليها إن لم يكن طمعا في لحمها ؟ ألم تقل إن لها عينا تذبح كالمدية ؟ ولكنني ضد هذه التجارة . أنا لا أحتمل ركوب امرأة قتيلة . كيف أستطيع تقدير ثمن المتعة التي تبيعها ، وهي تموت ألف مرة مع كل هزة من هزات السرير ؟ ***** قالت : سنحتفل الليلة بقدومك . ونادت البنت . أخرجت أوراقا نقدية من جيبي وطلبت منها أن تذهب لتشتري لنا قوارير خمرة . طلبت منها أن تشتري ما يسكر سكان الماخور . وخرجت البنت . فعادت تقول : أما زلت تؤمن بإغلاق دور البغاء وتشغيل العاملات فيها في المصانع والمعامل التي ستحدثها الثورة ؟ قلت : لقد أفسدتني السياسة يا صالحة . بالله عليك لا تحيي هذا الجرح المندمل . قالت : عشرون سنة ونحن نترقب اليوم الذي وعدتنا فيه بتحرير أجسامنا من مني الرجال السكارى والمرضى والمنبوذين . أحسست بالسكين تغوص في اللحم الحي .وتذكرت الأيام التي كنت أحكي لها فيها عن ثوار الفيت كونغ ، وطلاب باريس ، والثورة الثقافية في الصين . وكانت تضحك وتقول : أنا لا أفهم في السياسة يا صاحبي . فأقول لها : ستفهمين بعد التحرير يا صالحة . وها هي اليوم تعمل قوادة في ماخور . وها أنا رجل محترم . رجل محترم جدا . بعد أن أعطيتها الورود ، وهربت من الدار كأنني راهب ، تسكعت في الطريق حتى كلت خطاي ، وعاودني صوت امرأة الماخور أكثر من مرة : تعال إلى هنا عندما تصير رجلا يا صاحبي . ترددت كثيرا ثم عزمت على العودة إليها . قالت بعدما أغلقت وراءنا الباب : لماذا تهرب مني يا صاحبي ؟ قلت : لأنني أريد تحريرك من مني الرجال . قالت : متى ؟ قلت : عندما يتحرر الرجال . قالت ومتى سيتحرر هؤلاء الرجال ؟ غدا ؟ أو بعد غد ؟ ثم دفعتني على السرير ، وأطعمتني من تفاح الجنة . فكدت أطير من اللذة . قالت : ما رأيك لو أعلمك ضرب الدف وأرقص لك وحدك ؟ قلت : وهل تظنين أنني سأعود إلى هنا مرة أخرى ؟ قالت : ستعود ... وكررت بإصرار عجيب : ستعود حتما . وتعطل عقلي . أدخلته الثلاجة ، وأغلقت عليه الباب بسبعة أقفال . ورميت بما جاء في الكتب في البالوعة . وهمت بها وجدا . قال عني الرفاق إنني مرتد عندما اكتشفوا ترددي على شارع البغايا . ولم ينفعني ادعائي الجنون . كانت صاحبتي قد علمتني ضرب الدف حتى أتقنت الصنعة . ورقصت لي وحدي . رقصت وغنت . وأغلقت بابها في وجوه الزبائن الآخرين .... وأفقت ذات يوم وهي تطلب مني أن أفي بوعدي ، وأحررها من مني السكارى والمراهقين . | |
|
| |
roro Admin
عدد الرسائل : 143 العمر : 41 تاريخ التسجيل : 07/06/2008
| موضوع: رد: الورد العاطر في نزهة الخاطر الثلاثاء يوليو 15, 2008 8:11 pm | |
| قلت : كيف ؟ ردت : تزوجني . عندي ما يكفينا لبناء حياة جديدة . ***** عادت البنت بقوارير الويسكي ، وذهبت إلى المطبخ تشوي اللحم ، فتمددت على السرير . جاءت صالحة وجلست على الحافة فقمت أليها ووضعت رأسي في حجرها ، وأغفيت إلى أن جاءت البنت باللحم المشوي وبكؤوس صغيرة فوق صينية من الفضة . وتركتنا وغادرت البيت . ملأت صالحة كأسينا فضربنا نخبينا . وقالت : في صحة ثوار الفيت كونغ . فقلت : في صحة طلاب باريس . وتبادلنا كؤوس المدام إلى أن أظلمت الدنيا واشتعلت أضواء فوانيس الكهرباء . قالت : ما رأيك لو تضرب لي قليلا على الدف ؟ قلت : لا مانع عندي . أمسكت الدف بين ركبتي وضربت : دم .تك تك تك .دم .فقامت ثملة . ربطت مؤخرتها بغطاء رأسها ، وبدأت ترقص . وضربت الدف ، وحركته في الهواء ، فأحدث خشخشة لذيذة . فتحت الصالحة الباب ، ونزلت الدرجات واحدة واحدة وهي ترقص ، وأنا وراءها أضرب على الدف ، إلى أن وصلنا إلى الشارع . جاءت البنت تجري . وجاءت نساء الشارع الأخريات . وجاء رواد الحي . تحلق الجميع يتفرجون على المرأة الكهلة التي ترقص على نغمات دف يضربه رجل محترم ... رجل محترم جدا ...
إحالات على القصة : 1- سيدي عبدالله قش : عنوان شارع البغاء في المحروسة تونس العاصمة . 2- نهج زرقون : سوق الأنتيكات بتونس ، منه تصل مباشرة إلى الشارع المذكور آنفا . 3- حبيبي يا صحابي جاني : أغنية لمطربة تونسية اشتهرت في بداية تسعينات القرن الماضي . 4- قالوا زيني عامل حاله : أغنية للفنانة علية التونسية غنتها في سبعينات القرن الماضي . 5- أم القد طويل آ صالحة : أغنية لمطربة تونس الأولى الفنانة نعمة ، غنتها في ستينات القرن الماضي dargouthibahi@yahoo.fr www.arab-ewriters.com/darghothi/ | |
|
| |
wael
عدد الرسائل : 10 العمر : 46 تاريخ التسجيل : 07/07/2008
| موضوع: رد: الورد العاطر في نزهة الخاطر الأربعاء يوليو 16, 2008 7:24 am | |
| | |
|
| |
lighter ماسورة 1/2 "
عدد الرسائل : 40 تاريخ التسجيل : 02/07/2008
| موضوع: رد: الورد العاطر في نزهة الخاطر الأربعاء يوليو 16, 2008 9:24 am | |
| | |
|
| |
wael
عدد الرسائل : 10 العمر : 46 تاريخ التسجيل : 07/07/2008
| موضوع: رد: الورد العاطر في نزهة الخاطر الأربعاء يوليو 16, 2008 11:07 am | |
| ya sagman da kitab sagafi zai alfilm alsagafi o ba3den enta ma ta'7d al kalam be al zaher laken et3mag fi al ketab o afham almadmoon ya ...................x | |
|
| |
| الورد العاطر في نزهة الخاطر | |
|